| 0 التعليقات ]

الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الصبري ها هي حكومة الوفاق الوطني أدت  اليمين الدستورية أمام نائب الرئيس وما تلاها من كلمات معبرة عن حجم  المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة الجديدة موجهة من قبل النائب للعمل  كفريق واحد لتشخيص مسببات الأزمة "الثورة" ووضع حلول عملية لمعالجتها  مستدركاً أن من أولى مهامها إزالة أسباب التوتر السياسي والأمني. لكن مما لا يخفى على أحد أن من أهم

أسباب الثورة السلمية التي اندلعت في جميع محافظات الجمهورية هي المعاناة الاقتصادية أكثر منها المطالبة بالمشاركة السياسية.
تجلت أهم مظاهر تلك المعاناة في اتساع رقعتي الفقر والبطالة وتفشي المحسوبية والفساد المالي والإداري؛ فضلاً عن تدهور مستوى الخدمات الاجتماعية بما فيها التعليم والصحة والكهرباء والمياه التي كانت في مجملها ناجمة عن سوء توظيف للموارد الاقتصادية والمالية من قبل الحكومات اليمنية المتعاقبة خلال العقد الماضي، بل وعجزها عن استخدام الموارد المالية المتاحة كتلك التي مُنحت في مؤتمر لندن الأول نوفمبر 2006 والتي بلغت قيمتها حوالي 5 مليارات دولار، حيث أدى ذلك العجز الإداري الواضح إلى تعزيز قناعة مجتمع المانحين أن اليمن لا تعاني من ندرة في الموارد بقدر ما تعاني من سوء إدارة استدعت الظروف السياسية إلى عقد مؤتمر لندن الثاني في يناير 2009 وتجلت أهم مخرجاته في إنشاء آلية جديدة لمساعدة اليمن في تحسين أدائها الإداري تحت ما يعرف بمجموعة «أصدقاء اليمن» التي من صميم مهامها تحسين الإدارة الاقتصادية، وإيجاد إرادة سياسية لدعم الإصلاحات الاقتصادية، وكاد لهذه المجموعة أن تعقد اجتماعها في نهاية مارس 2011 لوضع اللمسات الأخيرة لبرنامج تنموي شامل متمثل في جزء كبير منه في الخطة الخمسية الرابعة، إلا أن تزايد زخم الثورة بعد حادثة جمعة الكرامة أجل انعقاد المجموعة إلى أجل غير مسمى.


من المؤكد أن مجمل الأوضاع الاقتصادية في ديسمبر 2011 قد تدهورت عما كانت عليه في ديسمبر 2010 جراء الصراع السياسي والأمني، إلا أنها لم تصل إلى حد الانهيار الكارثي كما يحلو للبعض تصويره، فركائز الاقتصاد هي نفسها لم تتغير برغم ما أصاب بعض مقرات مؤسسات الدولة من تدمير وبعض القطاعات الاقتصادية من ركود جراء تقلص الاستثمارات المحلية والدولية، ونقص في المشتقات النفطية وتوقف الكهرباء، إلا أن الشيء المطمئن أن هذا ركود عرضي ووقتي، وبالتالي ما على الحكومة الجديدة سوى إزالة مسبباته وهي بسيطة جداً في مجملها فيما لو «أحسنت النوايا» وتجاوزت الحكومة تباين اختلاف توجهات أعضائها السياسية والإدارية، وعملوا كفريق واحد تجاه مجمل التحديات الاقتصادية والإدارية. فتدفق الاستثمارات بحاجة فقط إلى استتاب الأمن، وعودة عجلة الإنتاج الصناعي والخدمي والكهرباء بحاجة إلى مشتقات نفطية وبأسعار اقتصادية وليس مدعومة حتى تكون قابلة للديمومة والاستمرار.


لقد حصل تهويل إعلامي كبير حول الوضع المالي للموازنة، والحقيقة أنها ليست في حالة إفلاس على الإطلاق كما يتصور البعض، بل هي في حالة ركود طفيف ناجم من ركود القطاعات الإنتاجية والخدمية، حيث انخفضت مجمل الإيرادات الضريبية المباشرة وغير المباشرة بحوالي 49 بالمائة عما خطط له في الموازنة للفترة يناير- نوفمبر 2011 والتي تقدر بالقيمة المطلقة بحوالي 394 مليار ريال (1.7 مليار دولار) إلا أنه في المقابل شهدت الإيرادات النفطية زيادة بلغت 71 بالمائة بما يساوي 450 مليار ريال (1.9 مليار دولار)، وبالتالي قد لا يصدق البعض أن عجز الموازنة خلال الفترة يناير- نوفمبر 2011 قد انخفض عما خطط له في الموازنة فهو فقط 272 مليار ريال بدلاً من 300 مليار ريال، وبرغم أن جميع أبواب نفقات الموازنة الجارية شهدت زيادة بحوالي 32 بالمائة، إلا أنها كانت على حساب انخفاض النفقات الاستثمارية بحوالي 75 بالمائة، حيث شهد بندا الأجور ونفقات التشغيل زيادة بحوالي 18 بالمائة، جراء تنفيذ المرحلة الثالثة لاستراتيجية الأجور، كما زاد دعم المشتقات النفطية بحوالي 162 بالمائة (عما خطط له في الموازنة). الجدير بالذكر أن ارتفاع أسعار البنزين بأكثر من 100 بالمائة في يونيو الماضي لم يؤتِ ثماره لأن 80 بالمائة من الدعم هو لصالح مادة الديزل (2.1 مليار دولار في 2011) وهذا يعتبر من أهم الإجراءات التي يجب أن تضطلع بها حكومة الوفاق بالتنسيق مع مجلس النواب في إيجاد مخرج من هذا العبث المالي غير الاقتصادي والاجتماعي، حيث أن هذا الإجراء سوف يكفي الحكومة تمويل العجز بالإصدار النقدي من البنك المركزي الذي بلغ إلى حد الآن حوالي 200 مليار ريال مقابل ما كان عليه العام الماضي (حوالي 180 مليار ريال) إذ إن معظم تمويل البنك المركزي لصالح دعم المشتقات النفطية مع توقف كامل للنفقات الاستثمارية.

لمتابعة الخبر كامل من هنـــــــــــــــــــــــــــــــا

0 التعليقات

إرسال تعليق